لرُبَّ سائل يسأل “كيف استطاع عناصر تنظيم داعـش ارتكاب مجزرة بحق شباب أبرياء، بلا أية وخزة ضمير؟”بحسب سنن الإبادة، فإن الخطوة الأولى التي تسبق عملية الإبادة هي تجريد الضحايا من إنسانيتهم، أي وصفهم بأسماء وأوصاف جديدة، وعَدَّهم كائنات أخرى ليست بشراً؛ تمهيداً لقتلهم وإبادتهم دون أي تأنيب ضمير! فمثلاً جرَّد النـازيون اليهود من إنسانيتهم تمهيداً للمحــرقة، حيث حوَّلت الدعاية النـازية المواطن اليهودي من صفة الجار والمواطن والرفيق والصديق إلى كائنٍ غريب الأطوار دخيل على المجتمع الألماني يدعى “اليهـودي” بألف ولام التعريف لتمييزه. وهكذا فعلت داعـ ـش، فشباب سبايكر لم يعودوا بشراً ومواطنين، بل أسموهم “الرافـضة” أي صاروا كائنات مستباحة يمكن قتـ ـلها بدم بارد، والكائن المستباح مفهوم وضعه الرومان يشير إلى الإنسان الذي يمكن قتله دون ديَّة أو عقاب. وكذا الحال بالنسبة لمعظم عمليات الإبادة في أي زمان ومكان حول العالم، فمثلاً كانت بعض قنوات اتحاد الإذاعات الإسلامية تصف متظاهري أكتوبر 2019 بـ”الجوكرية” قبيل وأثناء الإبادة، وكانت إذاعة ميل كولين الرواندية تصف أقلية التوتسي بـ”الصراصير” تمهيداً لإبادتهم بالمناجل.
