الناشطون المدنيون في العراق يُعدون قصة نجاح دولية وإقليمية ومحلية لذلك تكالبت عليهم أقلام السلطة وإعلامهم المأجور بغية شيطنتهم وتغييب منجزاتهم التي حققوها، عبر نشر المغالطات و الإشاعات والأخبار الكاذبة عنهم. استطاع الناشط المدني العراقي مواجهة الرصاص بالكلمة وجعل صوته أعلى من صوت أزيز الرصاص دون خوف أو تردد رغم تعرضهم للتهجير القسري والتهديدات المتكررة وعمليات الاغتيال والاختطاف، هذهِ المواجهة ورغم كل هذا الضغط كانت نتيجتها العديد من الإنجازات الجوهرية التي ساهمت في سير عجلة التغيير إلى الأمام وحتى يومنا هذا، وجعل السلطة محرجة وعاجزة أمام بسالة وثبات الناشط المدني.
ثلاث فئات، جميعهم منتجين
أولهم الناشط المدني المعارض والفاعل سياسيًا، استطاع أبناء هذهِ الفئة غرس وتعزيز ثقافة الاحتجاج السلمي الذي يحمل مطالبًا سياسية وهوية واضحة، لا بل تخطوا الحدود وصنعوا احتجاجات منظمة بأقل الوسائل الممكنة والخروج بها كلما غدر الغادرون بالعراق وشعبه، وأيضًا من الأمور التي تحسب إلى الناشط المدني المعارض والفاعل السياسي أن رغم الأزمات السياسية المتوالية والضغوطات التي يتعرض لها الناشط والمحتج لكنهم حافظوا على سلمية الاحتجاج واستقلاله ومنع ارتفاع مستوى طرق الاحتجاج رغم التنظيم والظروف التي تساعد على ذلك.
أمًا ثانيًا فهو الناشط المدني الذي يعمل في مجال المنظمات المجتمعية المدنية، تتعدد عناوين وأسماء المنظمات المدنية في العراق التي تمارس عملها بكل شفافية ووضوح رغم المخاطر المحدقة بها من قبل الأحزاب المسلحة، والمضايقات الأمنية المتكررة والاتهامات، لكن مع ذلك استطاع الكثير منهم إنجاز عمله على أتم وجه عبر تطوير الكوادر الشبابية سياسيًا واجتماعيًا، وتشخيص المشاكل وتقديمها لعامة الناس، ومد جسور التواصل بين الناشطين المدنيين، كذلك إدارة حملات المدافعة والمناصرة وتقديم المقترحات والتوصيات سواء للحكومات المحلية والمركزية وتضغط في أتجاه تطبيقها أو حتى للمنظمات الدولية.
ثالثًا الناشط المجتمعي الذي يتجنب صفة الناشط المدني، هم فئة شابة تمتلك طاقة وإرادة للتغيير، لكنهم يتجنبون تبني هذا العنوان في بعض الأحيان لعدة أسباب لكن السبب الأهم والأبرز تأثرهم بخطاب الإعلام الحزبي الذي صور إنَّ الناشط المدني سيء، فهم يتنازلون لهذا الخطاب ويعطوه مراده، هذهِ الفئة من الشباب حققت الكثير من الإنجازات التي لم يحققها أقرانهم في غير دول واقعها يشابه واقع العراق.
كتبت الكلام أعلاه ليس لغرض تقديس عنوان “الناشط المدني” أو المواطن المحتج والفاعل سياسيًا بل القصد هو الإشارة إلى الإنجازات التي تم تحقيقها في وقتٍ قياسي وبأقل الوسائل وكيف أن المقابل يحاول جاهدًا تغييبهم وتغييب منجزاتهم وشيطنة صفتهم وسلخهم عن المجتمع، وآلاف المنصات الإعلامية تعمل على ذلك دون كلل أو ملل، بالختام وحتى لا أطيل عليكم، أن للعراق جيلًا شابًا واعدًا حالمًا بالتغيير، يعمل على ذلك ولن يتراجع عنه، فتحية حُبّ واعتزاز لكل مواطن عراقي يبذل جهده في سبيل التغيير.