Skip to main content

حتى لا تتلوث أرضية المدخل الرئيس التي هي من المقرنص (السماكي المطرز بالأصفر) عادةً، أو بغية أن لا يُزعَج مدير المؤسسة الحكومية حين يركن سيارته في الباب الرئيس، الذي كأنما وُجِد من أجل هذه السيارة فقط، تعمد أغلب المؤسسات الحكومية بدوائرها وهيئاتها على غلق الباب الرئيس أمام المواطنين، وفتح باب جانبي أو خلفي صغير يتكبد المواطن عناء البحث عنه، كأنما يلعب الغميضة مع موظفي الاستعلامات، فلإيجاد هذا الباب ينبغي أن يدور حول المؤسسة دورة كاملة!

طيلة ممارستي مهنة المحاماة وتنقلي من مؤسسة إلى أخرى لم أجد إلا القليل من المؤسسات التي تفتح الباب الرئيس أمام المواطنين، وذلك في أغلب الأحيان حينما تكون واجهة المؤسسة صغيرة لا تتسع لأن يفتح باب آخر جانبي من هنا أو هناك. ولم أعلم السبب الذي يدعو مدراء المؤسسات إلى إصدار الأوامر بغلق الأبواب الرئيسة! وفي كل مرة تجد أن الأبواب الجانبية صغيرة لا تتسع لحركة المراجعين مما يؤدي إلى ازدحامهم وتدافعهم عند الباب. وهنا يبدأ المواطن يخطو خطوة الذل الأولى وهو ينجز معاملته!

حيث أنه وبعد أن يتدافع ويدخل مخروب الملبس إلى المؤسسة التي يريد، يرحب به موظف الاستعلامات أيما ترحيب بوجه متجهم، وقد يلعب بهاتفه أو يتجاهل المراجع عمدًا. بينما يقتصر دوره في حقيقة الأمر على أن يدل المواطن على الغرفة التي يريد أن يبدأ معاملته فيها. أما بعد جهد جهيد وتوسلات كثيرة يقوم هذا الموظف بإرشاد المواطن على الغرفة التي يبدأ منها وعادة ما يكون هذا الارشاد مختصرا “اصعد فوگ، أو آخر الممر” ولن يضيف أكثر من هاتين الكلمتين، ويبقى على المواطن أن يحزر أي غرفة هي التي سيبدأ منها، وإذا حدث وأن وصل إلى الموظف المختص في الغرفة المعنية، فأن أول ما يقال له هو “راجع من الشباك” وكأن هذه المؤسسات تتوقع أن لا يأتي لها سوى قصار القامة أو من لديهم مرونة لاعبات الباليه! فالشبابيك عادة ما تكون صغيرة بالكاد يمر عبرها فايل المعاملة ومنخفضة جدًا لا يتجاوز ارتفاع الواحد منها المتر ونصف المتر.

كل ذلك الذل يتحمله المواطن حتى يصل إلى الموظف المختص الذي يبدأ ترويج معاملته عنده. وتبقى تساؤلات المواطنين دون حل. “لماذا لم يسمحوا لي أن أركن سيارتي داخل الدائرة مثل المدير؟!” ثم يتذكر الباب الجانبي المزعج وكيفية خروجه منه بعملية تتطلب جهدًا جهيدًا. هنا يخرج المواطن مطأطئ الرأس مكسور الهامة، بعد أن يمتنع الموظف عن ترويج معاملته لأسباب غريبة، ليتجه خارج الدائرة إلى أقرب عرضحالجي او بائع شاي لييسر له معاملته مقابل مبلغ من المال يسمى أتعابًا أو إكرامية.

المحامي علي العليوي

Leave a Reply